“الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة”: الجزائر تؤكد على دور الإعلام في صون التنوع البيولوجي في يومه العالمي

في يوم عالمي مخصص للاحتفاء بالتنوع البيولوجي، أكدت الجزائر على الدور المحوري للإعلام كشريك أساسي في الجهود الوطنية الرامية إلى حماية هذا الكنز الطبيعي الثمين، وذلك خلال يوم دراسي نظمته وزارة البيئة وجودة الحياة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تحت شعار “الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة”. فهل ينجح الإعلام في رفع الوعي وتغيير السلوكيات للحفاظ على إرثنا البيولوجي؟
في كلمته الافتتاحية، التي ألقاها نيابة عن وزير البيئة وجودة الحياة، شدد المسؤول على أن الاحتفال باليوم العالمي للتنوع البيولوجي، الذي يصادف 22 ماي من كل عام، يمثل “محطة هامة لتسليط الضوء على أحد أبرز التحديات البيئية في عصرنا”. وأشار إلى التدهور السريع للموارد الطبيعية واندثار عدد متزايد من الأنواع الحية نتيجة “الضغوط المتعددة التي تتعرض لها النظم البيئية نتيجة النشاطات البشرية والتغيرات المناخية”.
وأوضح أن شعار احتفالية هذا العام، “الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة”، يحمل رسالة واضحة نحو “ضرورة إقامة علاقة متوازنة مع البيئة وصون خدمات النظم البيئية بما يضمن استمراريتها واستدامتها”. وأكد أن التنوع البيولوجي “ليس مسألة بيئية فقط، بل قضية مجتمعية ومصيرية، لأنه يمسّ حياتنا اليومية، غذاءنا، صحتنا، اقتصادنا وأمننا”، محذراً من أنه “حين نضيّع عديدا من الأنواع النباتية وكذا الحيوانية ومواطنها الأصلية وندمّر المَوَاطن الطبيعية، نحن في الحقيقة نُقوّض أسس بقاء الإنسان نفسه”.
وفي هذا السياق، ذكّر باعتماد الأمم المتحدة للإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020، الذي يرسم رؤية مستقبلية لتحقيق الانسجام بين الإنسان والطبيعة بحلول سنة 2050، من خلال ضمان صون النظم البيئية واستعادة المتدهورة منها، والاستخدام المستدام للموارد البيولوجية.
الجزائر تضع الإعلام في صلب استراتيجيتها البيئية الجديدة
وأكد المتحدث أن الجزائر تولي “اهتمامًا بالغًا لحماية تنوعها البيولوجي الغني والمميز”، وهو ما تُرجم من خلال وضع “24 هدفًا وطنيًا، 11 منها تتعلق بالإعلام والتحسيس والتربية البيئية”. واعتبر أن الإعلام “شريك أساسي في الجهود الوطنية الرامية إلى وقف فقدان التنوع البيولوجي وضمان الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية”.
وفي إعلان هام، كشف أن قطاع البيئة وجودة الحياة “بصدد الانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية الجديدة لحفظ وتثمين التنوع البيولوجي للفترة 2025–2030″، والتي تم إعدادها بطريقة تشاركية وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وتمويل من صندوق البيئة العالمي.
وأكد أنه حرصاً على تعزيز مشاركة الإعلام الوطني في تنفيذ هذه الاستراتيجية الطموحة، “سيتم وضع خطة اتصال وطنية متعددة الوسائط، وتوفير كافة الوسائل التقنية والمعلوماتية للترويج لأهداف الاستراتيجية الوطنية الجديدة للتنوع البيولوجي 2025–2030”.
نحو شراكة فاعلة وبناء شبكة وطنية للإعلام البيئي
وأوضح المتحدث أن الهدف من تنظيم هذا اليوم الدراسي هو “إقامة شراكة فاعلة ودائمة بين قطاع البيئة وجودة الحياة ووسائل الإعلام”، معرباً عن أمله في أن تتحول هذه الشراكة إلى “بناء شبكة وطنية للإعلام البيئي بما يُعزز تناول قضايا التنوع البيولوجي في التغطيات الإعلامية، ويدعم إنتاج مضامين إعلامية بيئية متخصصة، قادرة على رفع وعي الجمهور وتوجيه سلوكاته نحو الحفاظ على التنوع البيولوجي”.
وسلط الضوء على التقدم الملحوظ الذي سجلته الجزائر في مجال حماية التنوع البيولوجي، من خلال توسيع الشبكة الوطنية للمناطق المحمية لتغطي 44% من المساحة الوطنية، وتصنيف مواقع جديدة مثل جبال الليدوغ وجزيرة رشقون، وإطلاق مبادرات للتوفيق بين التنمية والحفاظ على التنوع البيولوجي في الأرياف والغابات، وتقييم وضعية الشريط الساحلي، وتكوين آلاف الفاعلين في مجالات حراسة البيئة والصيد وتربية المائيات.
وفي ختام كلمته، جدد الشكر لكل من ساهم في تنظيم اللقاء، معرباً عن أمله في أن يكون هذا اليوم الدراسي “خطوة أولى نحو شراكة مستدامة وفعالة من أجل بيئة سليمة وتنوع بيولوجي مصان”. وأكد التزام وزارة البيئة وجودة الحياة بالعمل المشترك مع كافة الشركاء، وخاصة وسائل الإعلام، لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية الجديدة وترسيخ ثقافة بيئية شاملة، إيماناً بأن “الإعلام الواعي هو أساس مجتمع واعٍ، وبيئة سليمة”.