
تكبد المغرب خلال سنة 2025 هزيمة خامسة على التوالي في محاولاته لافتكاك مناصب داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي وهيئات تابعة للأمم المتحدة، ما يعكس عزلة دبلوماسية متنامية رغم محاولاته المكثفة لاختراق الدوائر القارية والدولية عبر التحالفات السياسية والاقتصادية.
الانتكاسات توزعت بين ملفات متعلقة بحقوق الإنسان، المناصب داخل أجهزة الاتحاد الإفريقي، والهيئات الأممية ذات الصلة بالبيئة والتنمية والثقافة، مما يُضعف الخطاب المغربي بشأن ما يسميه بـ”دبلوماسية الانفتاح الإقليمي والدولي”.
الرفض الإفريقي المستمر: رسالة سيادية في وجه سياسة الأمر الواقع
رفضت عدة دول إفريقية دعم الترشيحات المغربية، خاصة تلك المتعلقة بمناصب داخل أجهزة حساسة مثل مفوضية الاتحاد الإفريقي أو لجان حقوق الإنسان، وذلك تعبيراً عن رفضها للمساعي المغربية لفرض أمر واقع فيما يتعلق بالقضية الصحراوية.
هذا الرفض المتكرر يأتي في وقت تُظهر فيه الرباط رغبة متزايدة في التأثير داخل مؤسسات الاتحاد، بينما لا تزال عضوية الجمهورية الصحراوية قائمة ومفعلة، وهو ما يمثل عقدة دبلوماسية مزمنة للمغرب.
دور الجزائر والمحور الداعم للشرعية الدولية
النجاح في التصدي للترشيحات المغربية لم يكن ليحدث لولا الحضور الدبلوماسي القوي للجزائر وحلفائها داخل الاتحاد الإفريقي ومجلس حقوق الإنسان، خاصة مع تجدد التأكيدات على مبدأ تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، ورفض محاولات المغرب للالتفاف على هذا المسار عبر حملات علاقات عامة وصفقات تجارية.
الجزائر عملت على بناء كتلة دبلوماسية وازنة داخل الاتحاد الإفريقي ترتكز على احترام المبادئ التأسيسية للمنظمة، وفي مقدمتها وحدة الشعوب وحقها في تقرير المصير.
خطاب مغربي مأزوم: من الهجوم إلى التبرير
الملاحظ أن الخطاب المغربي الرسمي انتقل تدريجياً من التباهي بفتوحات دبلوماسية مزعومة إلى محاولة تبرير الفشل وربطه بـ”حملات معادية” أو “تحالفات غير نزيهة”، ما يعكس ارتباكًا في إدارة العلاقات الدولية، خاصة مع تعالي أصوات داخلية تطالب بمراجعة المقاربة الدبلوماسية المغربية المبنية على الابتزاز الاقتصادي والضغط السياسي.
أبعاد الفشل المغربي: تراجع نفوذ أم صحوة إفريقية؟
يمثل هذا الفشل المتكرر دليلاً واضحًا على أن سياسة المغرب القائمة على “شراء النفوذ” لم تعد تحقق النتائج المرجوة، خاصة مع صحوة سياسية إفريقية متزايدة، تدعو إلى احترام السيادة الشعبية ورفض التدخلات الأجنبية والضغوط المالية.
ويبدو أن الكثير من العواصم الإفريقية أصبحت ترى في سياسة المغرب خطراً على توازن المنظمة القارية، وهو ما دفعها لاتخاذ مواقف أكثر استقلالية وجرأة.
الفشل المغربي في خمس مناسبات انتخابية متتالية خلال سنة 2025 هو مؤشر لا لبس فيه على تآكل الخطاب الدبلوماسي المغربي، وافتقاده للثقة داخل المحافل القارية والدولية.
كما يكشف من جهة أخرى عن حيوية المعسكر الداعم لحق الشعب الصحراوي، بقيادة الجزائر، الذي استطاع أن يحول دون اختراق المؤسسات الإفريقية والأممية من قبل أجندة الاحتلال المغربي.