“خيط الروح” عنوان لأصالة المرأة الجزائرية
“خيط الروح”، إكسسوار تقليدي جزائري نسائي يتم ارتداءه في الجبين، عقد مصنوع من الذهب ومزين بالجواهر والأحجار الكريمة، ترتديه المرأة الجزائرية مع اللباس التقليدي.
ويعود تاريخ خيط الرّوح إلى الحقبة العثمانية في الجزائر (1515-1830) وأصله من العاصمة الجزائر، كما تصوّر اللوحات والصور التي تناقلتها الأجيال العابرة، لكنه انتشر كذلك بين نساء الطبقات الأرستقراطية في كل من محافظتي قسنطينة وتلمسان (حواضر بايلك الشرق وبايلك الغرب).
وقصة خيط الروح حسب العجائز العاصميات، يُقال إنها تعود إلى عائلة من مدينة الجزائر العريقة زوجت ابنتها لرجل ذو أصل طيب ولكنه فقير ليس في جيبه سوى ما يكفي قوت يومه فقط، وفي يوم الزفاف أهدى الرجل عقدًا من الذهب لزوجته.
كان العقد أصغر من أن تستطيع لبسه على رقبتها لصغره، الأمر الذي أزعج والدة العروس، لتستشيط غضبا قائلةً باللهجة الجزائرية: “بوه هذا جابلها خيط الروح” في إشارة منها إلى صغر حجم العقد، حيث تعبر كلمة روح عن الرقبة أي ان العقد ضيق يشبه حبل الرقبة، فقام والد الفتاة بوضع العقد على جبين ابنته، ومن هنا بدأت العادة وأصبح خيط الروح يزين رؤوس العاصميات، لينتشر لاحقا في مختلف مناطق الجزائر.
واشتهر “خيط الروح”، أو “الزروف” باللهجة الجزائرية، لدى سكان الغرب الجزائري قبل أن تُصبح شعبيته واسعة في كلّ البلاد، هو حُلي متجذر في عمق التقاليد الجزائرية، ينتقل من الأم إلى الابنة -بالميراث- ويُحتفظ به مدى الحياة، وهناك عائلات لا تزال تحتفظ بخيط روح من القرن 18.
وترتدي المرأة الجزائرية “خيط الروح” مع الأزياء التقليدية فقط، باعتباره حُليًّا فاخرًا، فترتديه النساء في العاصمة الجزائر عادةً مع “الكراكو” مرفقا بمحرمة الفتول، (وشاح حريري طويل ترتديه النساء الجزائريات على الرأس).
بينما يلبس في منطقة الغرب الجزائري مع الشدة التلمسانية ومع القفطان ويسمى “الزروف التلمساني”، في حين يلبس مع القندورة القسنطينية في منطقة الشرق، ويسمى “الجبين”، أما في منطقة الأوراس ومنطقة القبائل فيسمى “تعصبت” ويلبس مع الجبة القبائلية.
وحسب ورقةٍ بحثية بعنوان “حُلي الرأس للمرأة بمدينة الجزائر في العهد العثماني” للدكتورة عائشة حنفي، وهي أستاذة في معهد الآثار بجامعة الجزائر، فإن هذا النوع من الحلي يتألف من وريدات تجمع بينها حلقات، يصنع من الذهب أو الفضة، ويرصع بالألماس، أو يكون تجميع لقطع من الأحجار والجواهر (ياقوت، زمرد..)، ولا يزال هذا النوع من الحلي سائد الاستعمال يلبس على جانب من الجبين مع العصابة (نوع آخر من الحلي الجزائرية) وحلي أخرى.
يختلف العقد من عازبة إلى متزوجة، حيث أن العازبة ترتدي العقد الذي ينتهي بدمعة واحدة، أما المرأة المتزوجة فترتدي العقد الذي تكون نهايته ثلاث دمعات.
وتوجد حالياً ثلاثة نماذج لهذه الجوهرة الثمينة في المتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية بالجزائر، تتكون كل النماذج من قطعة مركزية، هي عبارة عن زهرة أو أشكال متنوعة، قوامها وريقات نباتية، يأتي على جانبيها أزهار ووريقات، بشكلٍ تناظري، وهي أيضاً مرصّعة بالألماس.
اليوم يُقدَّر ثمن أرخص نوع من “خيط الروح” بنحو ما يعادل ألف دولار، ويصل سعر أغلى الأنواع إلى أكثر 8 آلاف دولار، ويُحسب سعرها وفقاً لوزن الجوهرة والأحجار الكريمة المصنوعة منها، وأمام الارتفاع المهول لسعر هذه الجوهرة، عمد الكثير من الأولياء إلى طلب “الزروف” مهراً لبناتهم.
للإشارة صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو بتاريخ 05 ديسمبر 2012 كجزء من حلي الشدة التلمسانية (لباس العروس) ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية بمناسبة الدورة السابعة للجنة الوزارية المشتركة لحماية التراث الثقافي غير المادي المنعقدة بمقر المنظمة الأممية بباريس.