حوار الرئيس تبون مع “لوبينيون”: مواقف الجزائر الثابتة في قضايا الذاكرة والتطبيع والديمقراطية

في حوار أجراه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، تناول مجموعة من القضايا الحساسة التي تهم الجزائر على الصعيدين الداخلي والخارجي. هذا اللقاء أتاح للرئيس فرصة لتوضيح مواقف الجزائر من مواضيع شائكة، مسلطًا الضوء على رؤية القيادة الجزائرية لمستقبل البلاد وعلاقاتها الدولية.
فيما يتعلق بالعلاقات مع فرنسا، أكد الرئيس تبون على ضرورة معالجة ملف الذاكرة الاستعمارية كشرط أساسي لتطوير العلاقات بين البلدين. وأشار إلى أن تطور هذه العلاقات مرتبط باعتذار رسمي من الدولة الفرنسية عن ماضيها الاستعماري في الجزائر. هذا الموقف يعكس تمسك الجزائر بضرورة الاعتراف بالجرائم المرتكبة خلال فترة الاستعمار، مع التركيز على أن الجزائريين يولون أهمية أكبر للاعتراف الرسمي بالأفعال الاستعمارية بدلاً من التعويضات المادية، باستثناء ما يتعلق بالتجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، والتي لا تزال آثارها السلبية قائمة على السكان والبيئة.
وفيما يخص قضية الصحراء الغربية، أوضح الرئيس تبون أنه حذّر نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من ارتكاب “خطأ فادح” في هذه المسألة. هذا التصريح يعكس موقف الجزائر الثابت والداعم لحق تقرير المصير في الصحراء الغربية، ويبرز التوترات المحتملة بين الجزائر وفرنسا بشأن هذه القضية الحساسة.
بالنسبة لموضوع تطبيع العلاقات مع الكيان، أكد الرئيس تبون أن الجزائر ستكون مستعدة لاقامة علاقات مع الكيان في اليوم الذي تُقام فيه دولة فلسطينية كاملة السيادة. هذا الموقف ينسجم مع السياسة الخارجية الجزائرية الداعمة للقضية الفلسطينية، ويشير إلى أن التطبيع مرتبط بتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
على الصعيد الداخلي، شدد الرئيس تبون على التزامه بالدستور الجزائري، مؤكدًا أنه لا ينوي البقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته. هذا التصريح يعكس التزامه بمبادئ الديمقراطية وتداول السلطة، ويهدف إلى طمأنة الرأي العام بشأن احترام المؤسسات الدستورية.
تحليلًا لهذه المواقف، يمكن القول إن الرئيس تبون يسعى إلى تعزيز مكانة الجزائر كدولة ذات سيادة تلتزم بمبادئها الثابتة في السياسة الخارجية، مع التركيز على معالجة القضايا التاريخية التي تؤثر على علاقاتها الثنائية، خاصة مع فرنسا. كما يظهر التزامه بتعزيز الديمقراطية واحترام الدستور في الشأن الداخلي، مع التأكيد على دعم الجزائر للقضايا العادلة في الساحة الدولية، مثل القضية الفلسطينية.
في الختام، يعكس هذا الحوار رؤية القيادة الجزائرية لمستقبل البلاد، سواء على الصعيد الداخلي من خلال تعزيز الديمقراطية والتنمية، أو على الصعيد الخارجي من خلال تبني سياسة خارجية مستقلة تدعم القضايا العادلة وتعزز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة.